تلقيت عشرات الرسائل على ايميلي من السادة القراء من السعودية ودول عربية أخري وعواصم عالمية أيضا ،متابعة وتعليقا على مقالي السابق المنشور تحت عنوان " الهتافات العنصرية في ملاعبنا .. والفارق ما بين ليفربول والهلال السعودي!!".. والواقع ان المقال أوضح لي بالفعل أنني كنت إزاء قضية حيوية لابد أن نولي لها المزيد من الاهتمام في عالمنا العربي ، وهي قضية الاخلاق والتشجيع سواء في ملاعب الكرة او الرياضات الاخري ، حيث تُنتهك الاخلاق والقيم والأعراف مراراً وتنقل ذلك مختلف وسائل الاعلام لملايين المشاهدين من أسرنا في المنازل، وعلى مسمع ومرأى من مسؤولي الرياضة في بلادنا العربية دون تحركات وإجراءات كافية لردع هذا الانفلات الذي تعمر به ملاعبنا والذي يشوه وجه الرياضة في أُمة وصفها القرآن الكريم بأنها " خير أمة أُخرجت للناس ".
وما بين نغمة غالبة على معظم الايميلات التي وصلتني تؤيد ما ذهبت إليه من ضرورة تصدى الجميع وفي مقدمتهم "الميديا " واتحادات الكرة والأندية الكبيرة لهذا النوع من الهتافات العنصرية الغريبة على ثقافتنا ومجتمعاتنا وأخلاقنا وما تحض عليه الشرائع السماوية وفي مقدمتها الإسلام ، ومابين رسائل أخرى من شرائح مختلفة من مشجعي الهلال تنبذ العنصرية ولكنها تكرر شكوى إدارة النادي نفسها من كيل إتحاد الكرة السعودي بمكيالين في مواجهة هتافات وانتهاكات مماثلة ومتشابهة ، وبالذات ما تم توجيهه في السابق إلى النجم الدولي السابق ياسر القحطاني الذي انتقل هذا الموسم إلى صفوف العين الاماراتي، وبالطبع أنا اتفق مع هؤلاء في ضرورة توحيد العقوبات على جميع الاندية دون ميول أو تفرقة أو تغاضي عن ناد ما ، ودون تعمد استهداف بعض الاندية الكبيرة خاصة التي ينشط ممثلوها في انتقاد مسؤولي الاتحاد ، وبالطبع يحق للهلاليين أن يعاتبوا اتحاد الكرة السعودي على عدم تدخله إزاء ما تعرض له النجم ياسر القحطاني من هتافات مسيئة العام الماضي ، لكن بالطبع أيضا لن يتخذ الاتحاد عقوبات بأثر رجعي !
ورغم إهمالي للايميلات المنفلتة سواء الخارجة عن النص او تلك التي تتهمني بالتحيز ضد الهلال او تلك التي تتوهم أن مقالي كان عامل ضغط على لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي مما أجبره على هذا القرار، فإنني استغربت حقاُ من ايميل يطالبني صاحبه بالإعتذار للهلال على مقارنتي له بليفربول ، في الوقت الذي لم أسمع فيه حتى هذه اللحظة من مسؤولي الهلال ما يعاتبون به بعض جماهيرهم على الهتافات العنصرية ، حتى وإن كان بعض من يحاولون تمييع القضية بالقول أن هتاف " نيجيريا .. نيجيريا " الموجه لبعض لاعبي الاتحاد من أصحاب البشرة السمراء ، ليس هتافاً عنصريا ، وليس إلا مداعبة ، وهل لو كان الهتاف " لبنان.. لبنان"، كان الامر سيختلف .. وهذا استظراف ليس أتفه منه سوى من يقول أن المصريون يفرحون بأن يكون شعار منتخبهم الوطني الفراعنة رغم إشارة القرآن الكريم إلى أن فرعون سيكون في النار .. وهذا استشهاد في غير محله وخلط للأمور والدخول في سفاسف وصغائر .
** أخيراُ .. أقول للبعض ممن يعتبرون مقالي ضد الهلال ، أنني أعرف قدر الهلال وقيمته في السعودية والخليج العربي والوطن العربي ، وأن له في نفسي كل احترام مثله مثل النصر والاتحاد والاهلي في السعودية ،ونفس الأمر بالنسبة للوحدة والعين والوصل في الامارات، والسد والريان والغرافة في قطر، والمحرق والرفاع في البحرين، والاهلي والزمالك والاسماعيلي في مصر .. وهلما جرا .. ولكن ذلك التقدير والاحترام لن يثنيني أبدا عن انتقاد كل خروج او انفلات هنا او هناك بلا حساسية او حساب لأسماء الاندية الكبيرة او النجوم .
وربما لا يعرف كثيرون أنني تشرفت بالعمل في الإعلام الرياضي السعودي سبع سنوات في نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينات ، وأعرف تماما أوساطه وأسراره ، وإستمرار ظاهرة تعصب وانتماء وميول الصحفيين للاندية، التي للأسف لا تزال تسيطر على معظم العاملين في الاعلام الرياضي في أرجاء الوطن العربي ، لدرجة أنني شخصيا أتعرض للهجوم والتشكيك في صدقي عندما أقول كمصري أنني محايد ولا أنتمي للاهلي او الزمالك.. ومثل هذه الظاهرة المتمثلة في انتماء الصحفيين المعلن وتراصهم دفاعا عن الاندية التي ينتمون لها من شأنه تغييب العدالة ورح النقد البناء الصريح الشفاف .. وأرجو من الزملاء الاعلاميين في كافة البلدان العربية بمختلف أجيالهم وأعمارهم أن يكون انتماءهم للمهنة الصحفية وعملهم الاحترافي ، خاصة عندما يشاهدون بعض اللاعبين ينتقلون من أندية كبيرة صنعت نجومتيهم إلى أعتي الاندية المنافسة لها سواء من الاهلي إلى الزمالك في مصر أو من الهلال إلى النصر في السعودية او من المريخ إلى الهلال في السودان ، وهكذا فقد عرف اللاعبون والمدربون معنى الاحتراف فمتي يعرفه كل الزملاء في مهنة البحث عن المتاعب ؟
-(منقول)-
ردود وتقايم